انستغرام فيس بوك واتس أب تليجرام تويتر بنترست

قصة الصحابي الجليل ابن عباس

هو ابن العباس بن عبد المطلب ابن هاشم، عم الرسول صلى الله عليه وسلم لقبه الرسول ص حبر هذه الأمة، وقد هيأه الله لهذا اللقب ذكائه وفطنته وسعة عقله واتساع معارفه، كان رسول الله ص يقربه منه ويربت على كتفيه ويدعو له قائلاً: " اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل"، وقد كرر عليه الصلاة والسلام هذا الدعاء عدة مرات وفي أكثر من مناسبة.

منذ طفولته وهو يحرص أشد الحرص على مجالسة الرسول ويحفظ عنه كل ما يقول، وبعد وفاة الرسول كان يجالس الصحابة السابقين ليتعلم منهم ما فاته، وكان كلما سمع عن أحد حديث أو قول من الرسول يسرع اليه ويتعلم منه، وكان يستفسر عن الشيء من أكثر من صحابي.

وقد وصفه سعد ابن وقاص رضي الله عنه قائلاً:

"ما رأيت أحداً أحضر فهماً، ولا أكبر لباً، ولا أكثر علماً، ولا أوسع حلماً من ابن عباس".

وكان عمر بن الخطاب يدعوه للمعضلات فيتحدث ابن عباس فلا يجاوز عمر عن قوله.

وكان ابن عباس يجلس يوماً للفقه، ويوماً للتأويل، ويوماً للمغازي ويوماً للشعر، ويوماً لأيام العرب وأخبارهم.

كان يبهر الألباب بذكائه الخارق وتنوع ثقافته وشمول معرفته، فقد كان حاذقا في علوم تفسير القرآن وتأويله وفي الفقه وفي آداب العرب ولغاتهم وفي التاريخ، كان الناس يأتوه أفواجاً ليستمعوا اليه ويتفقهوا منه.

كانت أخلاقه أخلاق علم وعلماء، وكان لا يبخل على سائل بعلم أو بمال، فقد كان يفيض على الناس من ماله بنفس روح السماح التي يفيض فيها من علمه، وكان من عاصره يقولون عنه: "ما رأينا بيتاً أكثر طعاماً وشراباً وفاكهةً وعلماً من بيت ابن عباس".

كان رضي الله عنه نقي القلب طاهر النفس لا يحمل كرهاً أو ضغينةً لأحد، كان يتمنى الخير للجميع فقد عرف عنه قوله: "آني لآتي على الآية من كتاب الله فأود لو أن الناس جميعاً علموا مثل الذي أعلم، وإني لأسمع حاكم من حكام المسلمين يحكم بالعدل فأفرح به وأدعو له ومالي عنده قضية، وإني لأسمع بالغيث يصيب للمسلمين أرضاً فأفرح به، ومالي بتلك الأرض سائمة".

كان عابداً قانتاً أواباً يقوم الليل ويصوم من الأيام ما كثر، ويبدو للناظر اليه جلياً موضع مجرى الدمع، حيث كان كثير البكاء حين يصلى ويقيم الليل ويقرأ القرآن وكان يعلو نحيبه كلما قرأ آيات الزجير والوعيد وكلما ذكر الموت.

وكان الى جانب علمه شجاعاً أميناً، وفي كل خلاف بين مسلم ومسلم لا تجده الا حاملاً راية السلم والاصلاح واللين والتفاهم.

عاش رضي الله عنه يفيض على الناس علماً وحكمةً وينشر بين الناس عبير المعرفة والتقوى، حتى وافته المنية ولبى نداء ربه بعامه الواحد والسبعون، لتشهد مدينة الطائف موكب مهيبٌ وتزف مؤمن الى جنان الله ونعيمه.