يمثل علم الجغرافيا أحد الأركان الهامة في المعرفة الإنسانية وهو يشكل ركيزة أساسية للثقافة، والجغرافيا علم قديم عرفه الانسان منذ نشأته الأولى على سطح الأرض حيث كان من الضروري لهان يتعرف على المكان الذي نشأ فيه والذي لابد له من معرفة خصائصه من معالم السطح والمناخ والنبات والحيوان الذي يعيش فيه وموارده المياه التي تتوفر به وذلك حتى يستطيع أن يؤمن حياته ضد الأخطار والمخاطر، أما المعنى الحرفي لكلمة جغرافيا أو المصدر اللغوي الذي اشتقت منه الكلمة فيرجع إلى لفظين في اللغة اليونانية القديمة وهما Ge بمعنى الأرض والتي أصبحت في اللغة اللاتينية geo وأما المقطع الثاني فهو Geographia والتي تحولت بعد ذلك في اللغات الأوروبية الحديثة إلى Geography في الإنجليزية، وقد عرفها العرب بهذا الاسم بعد اتصالهم بالفكر والمعرفة اليونانية واللاتينية فكانوا يستخدمون مصطلح جغرافيا أو علم تقويم البلدان في بعض الأحيان وذلك بعد أن ترجمت للعربية الكتب الجغرافية اليونانية في القرون اليونانية في القرون الأولى بعد ظهور الإسلام، ولا يقف مفهوم الجغرافيا عند الوصف فقط ولكنه يمتد إلى التحليل والربط والتفسير أو التعليل، بمعنى أن الجغرافيا لا تسأل فقط عن "أين؟" توجد الظاهرة محل الدراسة ولكنه من الضروري أن تسأل أيضا "لماذا؟" وأن نبحث عن العلاقات والأسباب فمثلا لا نكتفي عند دراسة توزيع الجبال بمجرد معرفة أماكن وجودها ولكن لماذا توجد حيث هي ولا توجد في مناطق أخرى ويرتبط ذلك بتطور تاريخ الأرض من الناحية الجيولوجية، ومن الناحية البشرية قد نسعى إلى معرفة توزيع السكان في العالم وأين يتركز السكان وترتفع كثافتهم وأين تقل أعدادهم وتنخفض كثافاتهم ويرتبط ذلك إما بوفرة المناطق الزراعية أو وجود مصادر المياه أو الرواسب والخامات المعدنية أو المناطق الساحلية والبحرية بمعنى أننا لا نقف عند حد توزيع السكان فقط ولكن من الضروري تفسير هذه الصورة من صور التوزيع وتعليل أسبابها، وكذلك الحال بالنسبة لشبكات النقل والمواصلات أو لحركة السياحة فمن الطبيعي أنه إذا تعرفنا على الأماكن السياحية في قطر ما أوفي العالم كله ان نسأل أنفسنا ما هي المزايا التي جعلت الناس يتوجهون إلى هذه الأماكن بقصد السياحة، وما هي الوسائل التي يستخدمونها للانتقال من مواطنهم إلى تلك الأماكن السياحية وما هي الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على ذلك[1].